السنسنة المشقوقة أحد التشوهات الخلقية المرتبطة بالجهاز العصبي، وتحدث في أثناء تكون الجنين في الرحم عندما لا يُغلق الأنبوب العصبي -الذي يتطور لاحقًا إلى الدماغ والنخاع الشوكي- بالصورة الكاملة، ما يؤدي إلى بروز جزء من الحبل الشوكي أو الأغشية المحيطة به خارج العمود الفقري.
وتشير الإحصائيات العالمية إلى أن السنسنة المشقوقة تصيب ما بين حالة إلى حالتين من كل 1000 مولود حي، وتختلف النسبة من دولة إلى أخرى تبعًا لعوامل عدة منها مدى الاهتمام بالرعاية الطبية في أثناء الحمل ونمط التغذية.
الأسباب وراء الإصابة بالسنسنة المشقوقة
تحدث السنسنة المشقوقة نتيجة تداخل عدة عوامل وراثية وبيئية، ومن أبرزها التالي:
- نقص حمض الفوليك وهو العامل الأكثر شيوعًا للإصابة، إذ يُعد هذا الفيتامين ضروريًا لتطور الجهاز العصبي للجنين.
- العوامل الوراثية، فإذا كان أحد الوالدين أو أحد أفراد العائلة مصابًا، فقد يزيد ذلك خطر الإصابة.
- تناول بعض الأدوية في أثناء الحمل قد يؤثر في إغلاق الأنبوب العصبي، ومنها أدوية الصرع أو مضادات التشنج.
- ارتفاع درجة حرارة الجسم في بداية الحمل، مثل في حالات الحمى أو استخدام الساونا لفترات طويلة.
- عدم انضباط مستوى السكر في الدم لدى الأم في أثناء الحمل، قد يزيد من خطر حدوث تشوهات خلقية للأجنة.
ومن الجدير بالذكر أنه يمكن التحكم بمعظم هذه الأسباب عبر المتابعة الطبية المنتظمة قبل الحمل وفي أثنائه.
اقرا ايضا : علاج الصلب المشقوق عند الأطفال
أنواع السنسنة المشقوقة
تتفاوت شدة الحالة حسب مدى انفتاح العمود الفقري، وتشمل الأنواع الثلاثة الرئيسية ما يلي:
- السنسنة المشقوقة الخفية، وغالبًا لا تُسبب أعراضًا ظاهرة، ويُكتشف وجودها صدفة عبر الأشعة.
- القيلة السحائية، ويحدث فيها بروز كيس مملوء بالسائل الشوكي عبر فتحة في العمود الفقري، ولكن لا تحتوي على الحبل الشوكي نفسه.
- القيلة النخاعية السحائية، وهي أخطر أنواع السنسنة المشقوقة، إذ يبرز الحبل الشوكي نفسه مع الأغشية إلى الخارج، ما يؤدي إلى مشكلات عصبية حادة في الحركة والتحكم بالمثانة والأمعاء.
أعراض وتأثيرات السنسنة المشقوقة
تختلف الأعراض من طفل لآخر بحسب موقع الفتحة وشدتها، لكن أكثرها شيوعًا يشمل:
- ضعف أو شلل في الساقين.
- فقدان الإحساس في الأطراف السفلية.
- مشكلات في التحكم بالتبول أو التبرز.
- تراكم السوائل في الدماغ (الاستسقاء الدماغي)، وهي من المضاعفات المصاحبة في كثير من الحالات.
- تشوهات في القدمين أو العمود الفقري مثل الجنف أو القدم المقوسة.
ورغم هذه التحديات، فإن كثيرًا من الأطفال المصابين بالسنسنة المشقوقة يمكنهم العيش حياة طبيعية إلى حد كبير، خاصة عند تشخيصهم مبكرًا وبدء العلاج المناسب.
تشخيص السنسنة المشقوقة
يمكن تشخيص السنسنة المشقوقة من قبل الولادة من خلال:
- تحليل الدم للأم لقياس نسبة بروتين “ألفا فيتوبروتين” (AFP)، وقد تشير المؤشرات غير الطبيعية إلى وجود عيوب خلقية لدى الأجنة.
- الفحص بالسونار (الأشعة فوق الصوتية) الذي يُظهر الفتحة في العمود الفقري أو بروز الأنسجة.
- فحص السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين، عبر بزل السلى لتأكيد التشخيص في الحالات المشتبه بها.
أما بعد الولادة، فيُؤكد التشخيص عن طريق الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي لتحديد موقع الفتحة وامتدادها.
تعرف على : حالات شفيت من الصلب المشقوق
سُبل علاج السنسنة المشقوقة
يعتمد علاج السنسنة المشقوقة على نوع الحالة وشدتها، ويهدف إلى حماية الحبل الشوكي ومنع المضاعفات، ومن أبرز الخيارات العلاجية:
- الجراحة المبكرة بعد الولادة:
تُجرى لإغلاق الفتحة في العمود الفقري ومنع العدوى أو تلف الأعصاب. - العلاج قبل الولادة (داخل الرحم): يمكن إجراء عملية لإصلاح الفتحة جراحيًا في أثناء الحمل في بعض المراكز المتقدمة، ويساهم ذلك في تقليل خطر المضاعفات بعد الولادة.
- تصريف السوائل من الدماغ:
في حالة وجود استسقاء دماغي من خلال تركيب أنبوب لتصريف السائل الزائد لمنع زيادة الضغط داخل الجمجمة. - العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل: لمساعدة الطفل على تقوية عضلاته وتحسين القدرة على الحركة.
تأثير السنسنة المشقوقة على حياة الطفل
يختلف تأثير المرض من طفل لآخر، فبينما يعاني بعض الأطفال إعاقة بسيطة يمكن التعايش معها بسهولة، يحتاج آخرون إلى دعم طبي مستمر، ومع تطور الطب والوسائل العلاجية، أصبح بإمكان معظم الأطفال المصابين بالسنسنة المشقوقة الذهاب إلى المدرسة وممارسة حياتهم اليومية على النحو الطبيعي، خاصة إذا حظوا بالعلاج المبكر والرعاية التأهيلية المناسبة.
ويلعب الدعم الأسري دورًا كبيرًا في تعزيز ثقة الطفل بنفسه وتشجيعه على الاندماج في المجتمع، فالتحدي الأكبر ليس في الإعاقة نفسها، إنما في كيفية التعامل معها بإيجابية.
الوقاية: خطوات بسيطة لكن تنقذ حياة إنسان
تُعد الوقاية خطوة أساسية في مواجهة السنسنة المشقوقة، إذ يمكن تقليل خطر الإصابة بنسبة تصل إلى 70٪ من خلال تناول السيدات حمض الفوليك يوميًا بجرعة لا تقل عن 400 ميكروغرام قبل الحمل بثلاثة أشهر على الأقل، والاستمرار في تناوله خلال الأشهر الأولى منه، فهو عنصر ضروري لتطور الجهاز العصبي للجنين، وينصح بتناول الأغذية الغنية بالفوليك مثل الخضروات الورقية والبقوليات.
كذلك يجب على السيدات الحوامل ما يلي:
- متابعة الحمل بانتظام.
- تجنب الأدوية التي قد تؤثر في الجنين دون استشارة الطبيب.
- الحرص على التغذية المتوازنة.
- تجنّب التدخين أو التعرض للحرارة الزائدة.
وذلك من أجل إنجاب أطفال أصحاء ويتمتعون بحياة طبيعية، وفي الختام، يمكن القول أنه مع التقدم الطبي الهائل في الجراحة والعلاج الطبيعي، باتت فرص الأطفال المصابين بالسنسنة المشقوقة في العيش حياة مستقرة وكاملة أكبر من أي وقت مضى.
للاستفسار عن المزيد عن السنسنة المشقوقة يمكنك التواصل مع الدكتور محمد مصطفى حسني عبر الارقام الموضحة على الموقع
اقرا المزيد عن :







