حينما يرزق الأبوان بمولود جديد تتفتح معه آمال وأحلام لا حصر لها، لكن قد تختفي هذه الفرحة نتيجة مواجهة الأهل حقيقة مؤلمة، وهي تشخيص طفلهم بالشلل الدماغي.
الشلل الدماغي ليس مرضًا ينتشر أو يتفاقم مع الزمن، إنما يحدث نتيجة تلف في الدماغ، يترك خلفه آثارًا في قدرة الطفل على الحركة والتوازن والتنسيق، مما يجعل أبسط الحركات اليومية -مثل الجري أو حتى تناول الطعام- مهمة شاقة، ومن ثم سنتحدث في هذا المقال عن ما هو الشلل الدماغي وأنواعه والأعراض التي يتمثل فيها وخيارات العلاج المتاحة، بالإضافة إلى إجابة بعض الأسئلة الشائعة حول الموضوع.
ما هو الشلل الدماغي؟
الشلل الدماغي مجموعة من الاضطرابات التي تؤثر في الحركة ووضعية الجسم، وينتج عن تلف يصيب الدماغ النامي، أي في أثناء فترة الحمل وما قبل الولادة أو بعد الولادة مباشرة في السنوات الأولى للطفل، مما يؤثر في قدرة الشخص على التحكم في عضلاته، ويُعد الشلل الدماغي أكثر الإعاقات الحركية شيوعًا في مرحلة الطفولة، وقد تنقسم أنواع الشلل الدماغي إلى أربعة أنواع رئيسية تتضمن ما يلي:
- التشنجي: وهو النوع الأكثر شيوعًا، إذ يُصيب نحو 80% من المصابين به.
- الحركي: ويعاني المصابون به مشكلات في التحكم في حركة أيديهم وأذرعهم وأقدامهم وأرجلهم، مما يجعل الجلوس والمشي صعبًا.
- الرنحي: ويعاني المصابون بهذا النوع مشكلات في التوازن والتنسيق مثل عدم الثبوت عند المشي.
- المختلط: وهو مزيج من أعراض أكثر من نوع من الشلل الدماغي، والأكثر شيوعًا هو الشلل الدماغي التشنجي-الحركي.
تعرف اكثر على : أنواع الشلل الدماغي
أعراض الشلل الدماغي
بعد إجابتنا على سؤال ما هو الشلل الدماغي؟ سوف نتطرق للحديث عن أعراض المرض التي تختلف من حالة لأخرى وفقًا لنوع الشلل، وتتمثل فيما يلي:
- اختلاف حجم الرأس عن الطبيعي.
- حركات متشنجة أو غير متناسقة ومتوازنة.
- الانفعال السريع المتكرر.
- قلة التفاعل مع من حولهم.
- نقص قوة العضلات وتصلب الذراعين والساقين.
- تأخر في الوصول إلى مراحل النمو الطبيعية.
- المشي على أطراف الأصابع.
- مشكلات في البلع والكلام والرؤية وصعوبات في التعلم.
كيفية علاج الشلل الدماغي
من المؤسف أنه لا يوجد علاج شافٍ تمامًا للشلل الدماغي، ومع ذلك هناك خيارات علاجية تهدف لتحسين الأعراض والوظائف الحركية، وتتضمن:
- العلاج الطبيعي مثل التمرينات التي تساعد على تحسين القوة العضلية والتوازن.
- العلاج الوظيفي الذي يركز على مساعدة الطفل على تطوير المهارات اللازمة، لأداء الأنشطة اليومية مثل الأكل وارتداء الملابس والنظافة الشخصية.
- علاج النطق واللغة لعلاج مشكلات النطق والبلع.
- الأدوية لتقليل التشنج ومسكنات الألم والأدوية المضادة للصرع.
- التدخل الجراحي لتصحيح التشوهات العظمية، أو الجراحات التي تُجرى على الأعصاب في الحبل الشوكي لتقليل التشنج الشديد في الساقين.
- استخدام الأجهزة المساعدة مثل الجبائر والدعامات والكراسي المتحركة وأجهزة المشي.
- الدعم النفسي والاجتماعي للطفل وعائلته وتشجيع الاندماج التعليمي.
بعد التعرف على “ما هو الشلل الدماغي”، سوف نوضح الفرق بينه وبين ضمور المخ في فقرتنا التالية.
تعرف على : علاج الشلل الدماغي
متى يبان ضمور المخ؟
يُطلَق مصطلح “ضمور المخ” أحيانًا على التلف أو النقص في تطوّر أنسجة الدماغ الذي قد يؤدي إلى الإصابة بالشلل الدماغي، ولكن من المهم التوضيح أن الشلل الدماغي لا يُسبب ضمورًا تدريجيًا في المخ بعد حدوث التلف الأولي، فالضرر الذي يُصيب الدماغ يكون ثابتًا، ولا يتفاقم بمرور الوقت.
وفي معظم الحالات، لا تظهر علامات الشلل الدماغي عند الولادة مباشرة، إلا إذا كان التلف الدماغي شديدًا وواضحًا، وغالبًا ما يُشخص الطفل بالإصابة عند تأخره الملحوظ في الوصول إلى مراحل النمو الطبيعية المتوقعة، مثل الجلوس أو الحبو أو المشي.
ويبدأ ضمور المخ المرتبط بالشلل الدماغي بالظهور غالبًا خلال السنة الأولى من عمر الطفل، أو قبل ذلك في بعض الحالات، ففي عمر أقل من 6 أشهر قد يُلاحظ تيبّس أو ارتخاء في العضلات، أو حركات غير متماثلة، أو ميل الطفل لاستخدام جانب واحد من جسمه، أو صعوبة في تثبيت الرأس، وبعد بلوغ 6 أشهر، تظهر علامات تأخر النمو الحركي بشكل أوضح، مثل التأخر في الجلوس أو الحبو أو المشي.
أسئلة شائعة
من خلال حديثنا عن “ما هو الشلل الدماغي؟” نجد أن هناك بعض الأسئلة تدور في ذهن أهل المرضى، وسوف نجيب عنها من خلال سطورنا القادمة:
ما هو السبب الرئيسي للشلل الدماغي؟
قد يحدث الشلل الدماغي إذا لم يتطور دماغ الطفل بصورة طبيعية بالرحم، أو تعرض للتلف في أثناء الولادة أو بعدها بفترة وجيزة، وتنقسم الأسباب إلى:
أسباب الشلل الدماغي ما قبل الولادة وأثنائها
تتمثل أسباب ما قبل الولادة والتي تُقدر نحو 80% من الأسباب فيما يلي:
- إصابة الطفل بعدوى في أثناء الحمل مثل الالتهابات التي تصيب المشيمة أو السائل الأمنيوسي.
- عدم حصول الدماغ على كمية كافية من الأكسجين (الاختناق) مؤقتًا خلال الولادة المتعسرة.
- إصابة الطفل بالتهاب السحايا.
- مشكلات وراثية تؤثر في نمو دماغ الجنين.
- تسمم الحمل.
- تعاطي المرأة الحامل للمخدرات.
أسباب الشلل الدماغي ما بعد الولادة
تمثل أسباب ما بعد الولادة نحو 10%، وقد تشمل:
- انخفاض سكر الدم لدى حديثي الولادة.
- إصابة خطيرة في الرأس مثل متلازمة هز الرضيع.
- نزيف في دماغ الطفل أو نقص في إمدادات الدم والأكسجين إلى دماغه
ما الفرق بين الشلل الدماغي وضمور المخ؟
الشلل الدماغي مجموعة من الاضطرابات الحركية نتيجة تلف ثابت وغير متفاقم في الدماغ النامي، هذا التلف يحدث في فترة حرجة من نمو الدماغ (قبل أو خلال أو في السنوات الأولى من بعد الولادة) وينتج عنه صعوبة في الحركة والتوازن وقد تتغير الأعراض أو تظهر بصورة أوضح مع نمو الطفل، ومع ذلك فالضرر الأساسي في الدماغ نفسه لا يتفاقم.
أما ضمور المخ فهو فقدان أو تقلص حجم خلايا المخ أو الوصلات العصبية، ويحدث في أي مرحلة عمرية ويتفاقم مع مرور الوقت، يمكن أن يكون هذا الضمور جزءًا من الشيخوخة، أو علامة على أمراض عصبية مثل مرض ألزهايمر أو بعض أنواع الشلل الرعاش.
في النهاية،
في صدد إجابتنا عن سؤال “ما هو الشلل الدماغي؟” نجد أنه ليس مجرد مصطلح طبي معقد، بل هو واقع يومي يعيشه الآلاف من الأطفال وعائلاتهم، ونصيحتنا في صدد هذا الموضوع لأهل المرضى هي الالتزام بالبروتوكول العلاجي الذي يحدده الطبيب والتحلي بالصبر والعزيمة قدر الإمكان.
اذا اردت الاستفسار حول شلل الدماغ يمكنك التواصل مع الدكتور محمد مصطفى حسني عبر الارقام الموضحة على الموقع